محمد بن مسعود - الدمام - يقع اقتصاد الصين في حصار يطوّقه من جميع الجهات، فهو يعاني من ركود عقاري، وأزمة طاقة، وضعف ثقة المستهلك، وارتفاع تكاليف المواد الخام، وسيتضح مدى سوء الأمور في البيانات الحكومية المنتظر صدورها غداً الإثنين. ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الثالث بنسبة 4. 9% في مقابل معدلات نمو بلغت 18. 3% و7. 9% في الربعين الأول والثاني من العام الجاري على الترتيب، وفقا لبيانات هيئة الإحصاء الحكومية. كان اقتصاديون استطلعت «بلومبرغ» آراءهم قد توقعوا تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين من 7. 9% في الربع الثاني إلى 5% في الربع الثالث من العام، إلى جانب ضعف الأرقام الشهرية للاستثمار والإنتاج الصناعي في سبتمبر. وربما تسجل مبيعات التجزئة انتعاشاً بعد النجاح في احتواء تفشي الوباء. أصبحت توقُّعات نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم أكثر كآبة في الأشهر الأخيرة بعد تفاقم الأوضاع في سوق العقارات، والنقص المفاجئ للكهرباء الذي أجبر بدوره المصانع على خفض عمليات الإنتاج، أو الإغلاق الكامل. وخفَّض الاقتصاديون توقُّعاتهم لنمو اقتصاد الصين بشكل مطَّرد لهذا العام، كما أنَّ بعضهم مثل «نومورا هولدينغز» يتوقَّع إمكانية تراجع النمو إلى 7.
7% في ظلِّ التداعيات التي يواجهها بقية العالم. يقول ليو بيكيان، الاقتصادي الصيني في «ناتويست ماركتس» (Natwest Markets Plc) في سنغافورة: «الصورة لا تدعو إلى التفاؤل تجاه النمو فى الربع الثالث، خاصة أنَّ تأثير القاعدة المنخفضة آخذ في التلاشي، لقد أعطت السلطات الأولوية فى الربع الثالث لأهداف الإصلاح طويلة المدى، وركَّزت بشكل أقل على هدف النمو قصير الأجل». إليك بعض الأمور الرئيسية التي لا بدَّ من رصدها في البيانات التي يُنتظر صدورها يوم الإثنين في الساعة 10 صباحاً بالتوقيت المحلي: شدَّدت بكين القيود المفروضة على سوق العقارات بشكل مطَّرد في محاولة منها للحدِّ من المخاطر المالية، مما تسبَّب في ركود نشاط البناء، وتفاقم أزمة السيولة لدى المطوِّر العقاري «تشاينا إيفرغراند غروب»، ثم امتداد أثر ذلك في الصناعة بوجه عام. وتراجعت المبيعات المجمَّعة لأكبر 100 شركة تطوير عقاري في الصين بنسبة 36% على أساس سنوي في شهر سبتمبر، إذ يعتبر عادةً موسم الذروة لمبيعات المنازل. وهذا من شأنه أن يؤثر سلباً في الاقتصاد الأوسع نطاقاً؛ لأنَّ مجموعة «غولدمان ساكس» تقدِّر أنَّ قطاع العقارات والصناعات التجهيزية ذات الصلة يشكِّلان نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي.
الوقت ينفد". ويبدو أنّ إحداث تغيير أمر شاق بشكل خاص في المنطقة وهي واحدة من آخر معاقل الفحم، مصدر الطاقة الأكثر تلويثًا. إذ يفيد تقرير نشرته مبادرة تعقب الكربون Carbon Tracker أنّ خمس دول آسيوية هي الصين والهند واليابان وإندونيسيا وفيتنام تنفذ 80% من مشاريع محطّات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم في جميع أنحاء العالم. ولا يبدو أنّ الوعود الأخيرة بوقف إنشاء وتمويل محطّات جديدة ستؤثّر على العديد من المشاريع الجاري تنفيذها. تشكّل محطة الطاقة العملاقة التي تعمل بالفحم في سورالايا، في جزيرة جاوة الإندونيسية، وهي واحدة من أكبر محطّات الطاقة في جنوب شرق آسيا، مثالًا واضحًا على هذا التحدّي. تستهدف إندونيسيا تحقيق الحياد الكربوني في عام 2060 وتريد التوقّف عن بناء محطّات طاقة جديدة تعمل بالفحم اعتبارًا من عام 2023. لكن مشروع توسعة محطّة الطاقة هذه الذي تبلّغ قيمته 3, 5 مليار دولار قائم. صعوبات في التنفس يساهم الفحم بنسبة كبيرة في انبعاثات الكربون في العالم ما يجعله تهديدًا كبيرًا لجهود الحد من ارتفاع درجة الحرارة بنحو 1, 5 درجة، وهو الهدف الذي حدّدته اتفاقيات باريس عام 2015. كما أنّ له أيضًا تأثيرًا كبيرًا على الصحة العامة.
وبالتالي؛ فإنَّ هذا الانخفاض يعدُّ دليلاً على تراجع نشاط قطاع التصنيع الصيني. بيد أنَّ بيانات التصدير القوية، وارتفاع استهلاك الكهرباء خلال الشهر الماضي تشير إلى أنَّ تأثير أزمة الطاقة في الإنتاج الصناعي قد يكون أكثر تفاوتاً. كتب الاقتصاديون في «غولدمان ساكس» بقيادة ماغي وي في المذكرة أنَّ استهلاك الكهرباء في القطاع الثانوي سجل ارتفاعاً سنوياً نسبته 6%، وهو ما يعني نشاطاً صناعياً قوياً برغم انقطاع التيار الكهربائي. وقالوا، إنَّ البيانات المتعلِّقة باستهلاك الطاقة قد تكون متقلِّبة، وقد تحيد عن اتجاهات الإنتاج الصناعي استناداً إلى النتائج السابقة. كذلك، يتوقَّع الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع «بلومبرغ» تباطؤ نمو الإنتاج الصناعي إلى 3. 9% في سبتمبر بالمقارنة مع ما كان عليه قبل عام، وهو ما يتوافق مع وتيرة أبريل 2020. كما أنَّ مجموعة البيانات ستضمُّ الإنتاج الشهري للكهرباء، ومنتجات الطاقة الأخرى أيضاً. بعد بدء انتشار حالات الإصابة بسلالة «دلتا» منذ منتصف يوليو، أصبح لا بدَّ للصين من التعامل مع التفشي الأوسع نطاقاً لـ»كوفيد-19» منذ ظهوره لأول مرة في أواخر عام 2019، إذ تمكَّنت السلطات من السيطرة على تفشي الوباء من جديد بحلول نهاية سبتمبر، لكنَّ استراتيجية عدم التسامح التي تتبعها البلاد بصرامة أثرت في الاستهلاك.
شروط حافز 1440, 2024 | Sitemap