بينا في الموضوعات السابقة تعريف الخطأ وأنواعه بمناسبة الكلام على القتل الخطأ كما بينا أركان جريمة القتل الخطأ، وما قيل هناك ينطبق بحذافيره هنا، ولا فرق إلا أن الفعل إذا أدى للوفاة فهو جناية على النفس أي قتل خطأ، وإذا لم يؤد للوفاة فهو جناية على ما دون النفس. ويجب أن نلاحظ أن الشريعة جعلت العقوبة للجناية على ما دون النفس في حالة الخطأ متمشية مع نتيجة الفعل كما هو الحال في العمد، فعقوبة من أتلف عضواً أو أذهب منفعته أشد من عقوبة الجرح الذى شفى دون أن يتخلف عنه عاهة، وعقوبة من أذهب بصر إنسان أشد من عقوبة من أذهب نصف بصره وهكذا، والشريعة تتفوق على القانونين المصري والفرنسي في هذا لأنهما يسويان في العقوبة مهما اختلفت نتائج الفعل، وبعض شراح القانونين ينتقدون على المشرع أنه سوى بين عقوبة الإصابات المختلفة مع اختلاف نتائجها دون مبرر لهذه التسوية. إن عقوبة الجناية على ما دون النفس تنقسم إلى ثلاثة أقسام: عقوبة الجناية على ما دون النفس عمداً، وعقوبة الجناية على ما دون النفس شبه عمد، وعقوبة الجناية على ما دون النفس خطأ، العقوبة الأصلية للجناية على ما دون النفس عمداً هي القصاص، وعند مالك، الدية مع القصاص، فإذا امتنع القصاص لسبب من الأسباب حلت محله عقوبتان بدليتان الأولى الدية، والثانية التعزير، ويلاحظ الفرق بين عقوبات الجناية عمداً على النفس والجناية عمداً على ما دون النفس، ففي النفس يعاقب بالكفارة عقوبة أصلية وبالصيام عقوبة بدلية وبالحرمان من الميراث والوصية عقوبة تبعية، أما هنا فلا يعاقب بهذه العقوبات لأنها قاصرة على القتل ومتعلقة به.
يؤكد علماء النفس والاجتماع أن مفهوم التعزيز الإيجابي مفهوم عملي يمكن تطبيقه في كل زمان ومكان، وعلى جميع الأصعدة الإدارية منها أو السياسية أو التعلمية أو الاجتماعية، أو غير ذلك. ويشير رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام إلى أهمية هذا المبدأ في أحد أهم مسائل تربية الأولاد وهي: تعليم الصلاة، فيقول صلى الله عليه وسلم «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين». يلاحظ في هذا الحديث كيف ترك الرسول صلى الله عليه وسلم مسافة ثلاث سنوات بشهورها وأيامها ودقائقها لاستخدام كافة وسائل التعزيز الإيجابي المتاحة لترغيب الأبناء على تعلم الصلاة، والتي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة قبل اللجوء إلى العقاب بالضرب وهو أحد وسائل التعزيز السلبي. كما استخدم عليه الصلاة والسلام أساليب التعزيز مع أصحابه رضوان الله عليهم جميعًا، ومن ذلك سؤاله لبلال «يا بلال حدثني أرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دفّ نعليك بين يديّ في الجنة. قال: ما عملت عملًا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي». وفي ذلك تعزيز من رسول الله بالمكافأة المباشرة وهي الجنة. ومنذ بداية القرن العشرين ظهرت عدة نظريات عرفت بنظريات التعلم لأنها قامت على مبدأ رئيس هو أن السلوك سواءً كان تكيفيا أو غير تكيفي فهو مُتعلَّم، والتعلم يحدث بفعل الظروف البيئية وبخاصة الظروف التي تلي السلوك، ولعل الأساس في نظريات التعلم هو أن السلوك الذي تكون نتائجه مرضية هو الذي يتعلمه الفرد، والسلوك الذي تكون نتائجه غير مرضية هو السلوك الذي لا تركز على ما يدور داخل الجسد، وقد عرفت بالنظرية السلوكية، ومن أشهر علماء هذه النظرية إيفان بافلوف، جون واطسون، وبوروس سكنر.
شروط حافز 1440, 2024 | Sitemap