إذن فلا رواسب هنا، ولا محظور من إنطاقها على مسمعه إن هي لم تؤذ الإنسان ـ أو الإنسان الصالح على الأقل ـ من خلال القصة، بل ربما كان ذلك بداية صداقة وألفة بينه وبينها إذا هي أعطيت من القصة أدوارًا تحببها إليه. وقد نجحت الكاتبة صابرين عاشور في روايتها القصيرة المليئة بالحيوانات والطيور من أمثال: الأرنب، والحمار، والقط، والبطة، والسلحفاة، والفأر، والبقرة، والكلب، والحمامة والفيل، نجحت في أن تجعل منهم عائلة واحدة تتشاجر (فلا يخلو بيت من شجار الأخوة) في مزرعة كبيرة خالية من الحياة، فالشجر يخلو من أوراقه، والورود شاحبة وكأن ألوانها خُطفت منها، الأرض خالية من اللون الأخضر، العصافير سكتت عن تغريدها، خرير الماء خمد، فقد جفت البحيرة التي كانت تنتصف الحديقة" على حد تعبير الكاتبة ووصفها، بلغة عربية فصيحة سهلة مبينة، وليتها استمرت على هذا المنوال في حوارها على لسان الحيوان. ولي ملاحظة على وجود الحمار المخطط ضمن تلك المجموعة، فالحمار المخطط، هو حمار وحشي، وليس حمارًا مُستأنسًا مثل بقية الحمير، لذا لا نراه إلا في حديقة الحيوان فقط. وتعالج القصص هذا الشجار الدائم بين هذه المجموعة من الحيوانات والطيور، والذي يهدف إلى إبراز شخصية كل حيوان عندما انتقلوا للعيش في المنزل الواحد، ومن خلاله نتعرف على قدراتهم ومناوراتهم ألا يعملوا، ولكن من خلال فيلو الحكيم، نرى أن هذه المجموعة بدأت تعمل لتعيش، كل في مجاله، وبدأت تستوعب الدرس التربوي والجمالي، وعدم الاتكال على الآخرين.
والمعرفة لها أثر وجداني وللتبسيط فهناك فرق بين الشيئ المعروف والشيء المعلوم إنظر إن الله تعال يقول وله سبحانه: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (الروم 30).
تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز
ثم النحل والنمل والقصص والأحزاب بموضعين ثم الأحقاف والفتح والحجرات. وبسورة الحجرات ذكرت هذه الأية فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴿٦ الحجرات﴾ وهنا نلاحظ أن الله ربط بين الفعل الخاطئ والندامة والجهل وهو مثلث لتصويب أفعال الأمة والأفراد وأسلوب بديع للتربية للطفل وللنشئ عموما. وبالجنوح إلي المعرفة ستجد أن الله ذكر المعرفة ثمانية وثلاثون مرة وهي تفوق رقم الجهل. وبالرغم من أن المعرفة والعلم تتقارب بالمعني إلا إن العصر الحديث فرق بينهما كما فرق القرءان الكريم باللفظ فعدم وجود المعرفة وكذلك غياب العلم تعني تبوء الجهل مكانته وبزوغ الظلام فالمعرفة والعلم يعكس غياب الجهل والعكس صحيح. أما المعرفة فشرط لها وجود العلم. والعلم ينشئ للمعرفةقوله سبحانه: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (النحل 78)، وقوله عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (الأنبياء 7).
شروط حافز 1440, 2024 | Sitemap